علم النفس التسويقي

علم النفس التسويقي

علم النفس التسويقي 

 فنَّ التجارة الإلكترونية لا يتعلّق فقط بمعرفة أساسيات التسويق أو طرق ومبادئ البيع عبر الإنترنت. إنما لذلك المجال الواسع جانب يتعلّق بفهم واستيعاب الطبيعة السيكولوجية والنفسية للعميل، التي تدفعه إلى شراء منتجات معيّنة دون سواها أو تفضيل متجر إلكتروني محدد دون آخر. فما هي أسرار علم النفس التسويقي للمتسوقين عبر الإنترنت وما أهم الاستراتيجيات النفسية التي تؤثّر في آرائهم وتقييمهم للمنتجات والمتاجر الإلكترونية أثناء تسوّقهم.

وسوف نتحدث في هذه المقالة عن عدة أمور

ما هو علم النفس التسويقي

لغة الكتابة وعلم النفس

علم التسويق النفسي وأسلوب التسعير 

أولاً: ما هو علم النفس التسويقي 

يختص علم النفس التسويقي (Consumer psychology) بدراسة واستطلاع الأسباب النفسية والدوافع الذاتية وراء رغبة العملاء في شراء منتج معين، وسبب ميلهم إلى شراء ذلك المنتج. أو بمعنى آخر هو العوامل التي تحدد الاختلاف بين عميلٍ أكمل استمارة طلب المنتج الخاص بك وبين آخر لم يكملها أو لم يبدأ بها حتى.

من هنا نرى أهمية علم النفس للمسوقين عبر الإنترنت ودوره الجوهري في تحرّي أسباب النجاح في عالم التسويق الرقمي. فقد تبدأ بمتجرك الإلكتروني وتضع فيه كمًّا كبيرًا ومتنوّعًا من المنتجات المميزة التي تأمل أن تعجب عملائك وتدفعهم لشرائها، ولكن تفاجئ بأن استجابة العملاء لم تكن كما توقعّت.

يغفل الكثيرون عن مفتاح النجاح الأساسي لبيع أي خدمة أو منتج عبر الإنترنت وهو أن يلفت المنتج انتباه العميل. بمعنى أن عليك أن تفكّر كما قد يفكّر العميل الذي يبحث عن منتجك، وتسأل نفسك ما المميّز في هذا المنتج؟ الإجابة عن هذا السؤال تتضمّن أوجهًا وجوانب نفسية عدّة تلعب دورًا في جذب المتسوقين إلى المنتج وتدفعهم إلى شرائه في عدة أمور

ü      التصميم وتأثيره النفسي

في الواقع إن أول ما يتعرض له العميل قبل مشاهدة المنتج هو واجهة المتجر أو الموقع الإلكتروني الخاص بك. الذي يُكوّن الانطباع الأولي الذي سيُحدث معه رضًا مستمرًّا أو نفورًا متزايدًا أثناء تصفّح العميل للمتجر. لذلك فإن الاعتناء بتصميم المتجر والتفاصيل الخاصة به عامل جوهري لجذب انتباه العميل واستحسانه. وسنتطرّق في هذا الجانب إلى ثلاثة نقاط أساسية تلعب دورًا نفسيًّا كبيرًا لدى الزوار والعملاء.

ü      تصميم واجهة المتجر

سواءَ أكنت تملك متجر إلكتروني أم كنت تستعرض منتجاتك عبر إحدى واجهات منصّات البيع عبر الإنترنت العالمية فإن التصميم الخارجي يُعد معيارًا نفسيًا أساسيًا للعميل. فوفقًا لاستطلاع تضمّنه مشروع خاص بشبكة جامعة ستانفورد تبيّن أن 46.1% من العملاء المشاركين في الاستطلاع قيّموا مصداقية المتاجر الإلكترونية تِبعًا للتصميم الخارجي لها.

ü      الصور والألوان الحيوية

يتفاعل العقل البشري بشكل سريع وقوي مع الصور والألوان التي تراها العين مما يترك انطباعًا نفسيًّا لا شعوريًّا مباشرًا، هذا غير أن وجود الصور والألوان المفعمة بالحياة في تصميم المتجر الإلكتروني يترك أثرًا إيجابيًّا على عميل. وقد أظهرت العديد من الأبحاث الأثر النفسي الإيجابي للصور والألوان الحيوية التي تحتوي على وجوهٍ سعيدة وتأثيرها بشكل مباشر مع النهايات العصبية في أدمغتنا لتعطي انطباعًا جيّدًا وراحة نفسيّة، وهذين العنصرين أساسيين لكسب ثقة العميل. 

ü      العامل النفسي والنمط اللاوعي للتصفح

إحدى أهم الطرق النفسية في استقراء تصرّفات العملاء أثناء تصفّحهم تكمن في معرفة وتوقّع نمط وأسلوب تصفّحهم لمتجرك الإلكتروني. بمعنى آخر معرفة النقاط الأساسية التي تلفت انتباه المتصفّحين، ثم استغلال هذه النقاط لوضع أبرز تفاصيل منتجاتك أو عروضك وجعلها تتركز حول تِلك المواضيع. وهذا يساعد العملاء على الوصول إلى ما يبحثون عنه من المنتجات بسرعة.

أظهرت العديد من الاستطلاعات أن هناك نمطًا شائعًا للتصفّح لدى الكثير من المستخدمين يطلق عليه النمط F، حيث يبدأ العملاء أولًا بتصفّح الزاوية العلوية اليمنى للمتجر متجهين إلى يسار الصفحة (عكس شكل حرف F) ثم يتجهون إلى استقراء المحتويات بشكل عمودي حتى ينتهوا إلى الزاوية السفلية اليسرى للصفحة.

ثانياً: لغة الكتابة وعلم النفس

يجب ألا تغفل عند إنشاء أي مشروع تجاري عبر الإنترنت أن هناك حاجزًا فيزيائيًّا بينك وبين عملائك. ومفتاح التواصل الوحيد بينك وبين العملاء هي تِلك الكلمات التي تكتبها في تفاصيل موقعك أو في وصف المنتجات. لذلك من الضروري أن تفهم الأسس النفسية التي تتعلّق بمبادئ لغة الكتابة ومنطق الحوار والإقناع. وكذلك مفهوم الانطباع الإيجابي المُسبق. ويندرج ذلك تحت خطّين عريضين هما:

·         الجمل التحريضية

أظهرت العديد من الدراسات أن الجمل التسويقية والتحريضية الملفتة (مثل عبارات: الكميّة محدودة –إصدار محدود- أسرع قبل نفاذ الكمية ... إلخ) تولّد نوعًا من الرغبة في عدم تفويت الفرصة لدى العميل، فالعميل الذي يشعر بأن منتجًا معيّنًا يبدو صفقة رابحة غالبًا لا يفوّته على نفسه ويبتاعه مباشرةً.

بإمكانك أيضًا توظيف هذا الدافع النفسي لدى العميل من خلال تضمين خصومات أو عروض معيّنة ولفترة محدّدة. بحيث يلعب عنصر الوقت هنا دور المحفّز النفسي للعميل لاستغلال تِلك العروض بسرعة. لذلك فإن إضافة تلك الجمل التحفيزية ستساعدك على بيع منتجاتك بسهولة كما ستولّد نوعًا من الرضا النفسي للعميل عند شرائها.

·         القصص والتجارب الإيجابية

يميل الإنسان بشكلٍ نفسي فطري إلى قراءة أو سماع القصص والتجارب الإيجابية للأخرين. إذ تدفعه هذه التجارب إلى تقييم جودة المنتج بشكل تلقائي بناءً على التجربة الجيّدة التي قرأها أو شاهدها. بالإضافة إلى ذلك فإن إدراج فيديوهات أو صور تعرض انطباعًا أو أثرًا إيجابيًّا لتجربة منتجك أو حتى إفراد حقلٍ أو صفحةٍ خاصة بتجارب العملاء الإيجابية للمنتج، سيرسّخ الربط اللاواعي بين علامتك التجارية والرضا النفسي لدى المتصفحين.

ثالثاً: علم النفس التسويقي وأسلوب التسعير

لا جدال إطلاقًا أن تكلفة المنتج أهم المعايير التي يأخذها العميل بالحسبان قبل عزمه على شراء أي منتج. بالتالي فإن أسلوب التسعير يلعب دورًا نفسيًّا أساسيًّا لجذب العميل وإقناعه بالشراء. من أجل ذلك سنفرد فيما يلي قائمةً لبعض أهم النقاط والمبادئ النفسية عند تسعير المنتجات في متجرك الإلكتروني

·         القوّة السيكولوجية للرقم 9

معظمنا لا يعرف القوة النفسية التي يمتلكها الرقم 9 لا سيّما في التسويق والبيع عبر الإنترنت. فلهذا الرقم تأثير نفسي قوي على قرار الشراء لدى العميل. فعادةً ما يوضع الرقم تسعة في تسعيرة المنتجات التي تُوضع في سياق العروض أو التخفيضات، إذ أن معظم العملاء يرون منتجًا بتكلفة 3.99 أرخص من آخر بسعر 4.00 وبفارقٍ (نفسي) كبير، على الرغم من أن الفارق هو 0.01 فقط.

·         مقارنة الاسعار

قد لا تتوقع مدى التأثير الذي تمتلكه استراتيجية مقارنة الأسعار على العميل. ففي بعض الأحيان ليس المهم أن تغيّر أو تخفّض من سعر المنتج، بل المهم هو أن تُرسّخ لدى العميل فكرةً دقيقة عن مصداقية السعر الحالي للمنتج. وذلك من خلال أسلوب المقارنة. فمعظم العملاء إن لم يكن جميعهم يجرون مقارنةً شاملة لأسعار المنتج الذي يستهدفونه قبل شراءه، سواءً عبر مقارنة سعر منتجك الذي صادفهم بمنتجات شبيهة في متاجر منافسة أو حتى بمنتجات أخرى من الصنف نفسه في متجرك.

·         العروض المُغرية

شكل آخر من أشكال الاستراتيجيات النفسية لعلم النفس التسويقي التي تدفع العميل إلى الشراء بناءً على عروض مُغرية. على سبيل المثال يمكنك وضع العرض التالي: المنتج (أ) تكلفته 70 دولار والمنتج (ب) تكلفته 100 دولار، في حين أن سعر كليهما معًا 100 دولار، هذا العرض قد يبدو غريبًا للوهلة الأولى إلّا أنه يحمل تأثيرًا نفسيًا كبيرًا عندما يقدر العميل التكلفة، وفي مثل هذه العروض سيميل العميل إلى شراء عرض المنتجين معًا في صفقة يراها رابحة. هذه الاستراتيجية مفيدة جدًّا لبيع مجموعة من المنتجات دفعة واحدة.

·         سعر الجملة

السعر بالجملة نوع من التكتيك النفسي الضروري في حالة المنتجات التي يتطلّب استخدامها -بشكل فعّال- شراء العميل لكامل المجموعة. على سبيل المثال، يمكنك أن تعرض مجموعة احترافيّة للرسم تتضمّن كلًّا من منصّة الرسم واللوحة والأوراق الخاصّة وكذلك مجموعة متنوّعة من الألوان المائية ورِيش التلوين ذات الجودة العالية بطريقة مُغرية، كيف؟ 

·         التوصيف الكافي

يتطلّب بيع المنتجات ذات الجودة العالية توصيفًا واستعراضًا كافيًا لميّزاتها لا سيّما إذا كانت تكلفتها مرتفعة مقارنة بالمنتجات الأخرى ذات السعر الأقل. وهنا يجب عليك أن تحرّك آليّة التثمين النفسي لدى العميل من خلال ذكر ميّزات المنتج، سواءً من حيث جودة المواد أو دقّة التصنيع أو حتى العلامة التجارية المميّزة له. كل تِلك العناصر تلعب دورًا بارزًا في ترسيخ قيمة المنتج الحقيقية لدى العميل، وبالتالي استعداده لشرائه بغض النظر عن كلفته الماديّة.

·         تجزئة السعر

إذا أردت بيع خدمة معينة مقيدة بمدة زمنية محددة فإن استراتيجية تجزئة السعر هي الحل الأمثل. على سبيل المثال، يمكنك تقديم خدمة أو اشتراكٍ في تطبيقٍ بثلاثة عروض يتضمّن الأوّل اشتراكًا أسبوعيًا بتكلفة 49.99 دولار، والثاني شهريًّا بتكلفة 189.99 والثالث سنويًّا بقيمة 1899.99. 

الخُلاصة

إن علم النفس التسويقي هو علم ممتع، دراسته تسمح لك بالتعامل الجيد مع عملائك، وربما توجيههم حيثما تريد.

يهدف هذا العلم إلى إعلاء قيمة المنتج لدى الجمهور، من خلال الإيحاء له بمجموعة من المشاعر الإيجابية عند رؤيته؛ معتمدة في ذلك على دراسات نفسية قائلة بأن الناس تشتري بعواطفها، وليس بعد تفكير عميق.

في هذا السبيل، تتنوع أساليبه ما بين نظريات ديكوي، وتكرار الوهم، والتهيئة، والارتكاز، والتبادلية، والاستعجال، وتقنية الخطوة الأولى، والنسبة الذهبية، والوكز. كما تتضمن عدم تقديم كافة المعلومات، وتقليل الخيارات المتاحة، والتخويف من الخسارة، وإكساب هوية اجتماعية مميزة لمستخدمي المنتج.